بسم الله الرحمن الرحيم
تعرفت على أحد الشباب الطيبين قبل عدة أعوام , وكان رائعا بكل ما تعنيه هذه الكلمة
أخلاقه قمة .. لباسه .. وطريقة حديثة .. حتى أسلوب تفكيره ..
وفوق كل هذه السمات الطيبة كان سريع المشي إلى الصلوات في المساجد
اجتمعت عنده مجموعة من الصفات التي لو كان بعضها في الآخرين
لسلمت مجتمعاتنا من كثير من البلايا والتجاوزات الأخلاقية ..
يرتاح قلب كل من يطالع فيه وينشرح له صدره
غير أنه ذات يوم تعرض لموقف وامتحان خطير . لم يحسب له حسابا
ذلك أنه كان في قاعة الامتحان يوما من الأيام ولم يستطع أن يجيب على الاسئلة الصعبة
وقد كان من الطلبة المتفوقين , فتبخر طموحه بالتفوق في كل المواد
وبدت عليه علامات الانزعاج والتأثر الشديد .
حاول أصحابة مواساته وتخفيف الصدمة عليه
قالوا بأن هذا ابتلاء من الله وأن الله قد يريد لك الخير بهذا وأنت لا تدري
فأجابهم قائلا :
(( عاد ما لقى ربي يبتليني الا في الدراسة ..!! ))
لا حول ولا قوة إلا بالله .. اعترض على قضاء الله
أين الصبر واين الثبات ؟؟
أين تلك الأخلاق ؟
.
.
كلنا تأتيه المصائب فمنا من يثني على الله ويتذكر قوله سبحانه :
(( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ))
ومنا للأسف من تحصل له المصيبة فيفوته معها بالتسخط ثواب الصبر
فتكون خسارته مضاعفة
.
.
.
وهذا صاحب آخر أراد أن يواسيني لما شعرت عنده بالدوار , قال :
كانت باطنيتي سيئة و تألمت بسببها اسبوعا كاملا
وأخيرا ذهبت إلى الطبيب وبعد أن وصف لي العلاج , قلت :
(( أنا ما أدري يا دكتور ليه ربي خلقني !! هل خلقني ليعذبني بهذه الأمراض !! ))
استغفر الله .. كل هذا السخط على الله مع أن مشكلته كانت في مغص بسيط !!
أراد أن يواسيني بتوجيه اللوم إلى الله .. فسبحان الله
استغفرت في نفسي , وقلت له :
يا أخي لا تقل مثل هذا الكلام فهذا حرام
قال : أعلم ولكني كنت أشعر بتعب شديد ..
هنا تذكرت قصة طالما سمعتها من الشيخ محمد الشنقيطي حفظه الله :
يقول ندخل على المريض ذو الشلل الرباعي ونسأله عن حاله
فيجيبنا وهو لا يستطيع أن يحرك إلا عينيه و لسانه , بأنه بخير
ويحمد الله ويثني عليه وهو لم يتحرك منذ عشرين سنة !!
فشتان بين الفريقين !!
.
.
هل تتذكرون قصة عروة بن الزبير حينما خرج مسافرا بابنه الأكبر
فما أعظمها من قصة صابر محتسب .. فقد مات ابنه وبترت قدمه قبل أن يرجع من سفره
فلما عاد إلى أهله محمولا , " بادرهم قائلا :
لا يهولنكم ما ترون ... فلقد وهبني الله عز وجل أربعة من البنين ,
ثم أخذ منهم واحدا وأبقى ثلاثة
فله الحمد .
وأعطاني أربعة من الاطراف , ثم أخذ منا واحدا وأبقى لي ثلاثة ...
فله الحمد
وأيم الله و لئن أخذ الله مني قليلا , فلقد أبقى لي كثيرا
ولئن ابتلاني مرة , فلطالما عافاني مرات " ( 1 )
.
أترك لكم أحبتي هذ المساحة لنتواصى فيها بالصبر حتى لا نكون من اهل الخسر
فما هو الثواب المترتب على الصبر ؟؟
وما أنواع الصبر ؟؟
وما الوسائل المعينة على الصبر ؟؟
وما هي المواقف التي يجب أن نصبر فيها ؟؟
ومن عنده نقاط أخرى فليضفها مشكورا مأجورا إن شاء الله
والله يوفقكم لكل خير
..........................................
( 1 ) عبد الرحمن رأفت الباشا / صورمن حياة التابعين
تعليق